فضاء حر

شر لابد منه !!!

يمنات

ليسمح لي القارئ العزيز أن أحلل بحيادية مطلقة مشاهد الأيام الماضية على الساحة الجنوبية…

بعد أن تم التنسيق لإقامة مليونية جنوبية في21 فبراير بالمكلا، بعد تظاهرة يوم الأسير بشبوة، أصدر القيادي الجنوبي حسن باعوم بيان وجه فيه الحشود المتهيئة – مسبقا – لمليونية المكلا للتوجه والزحف لعدن على أن يكون – أبو فادي – أول الزاحفين "حسب ما جاء في البيان"، وهذا ما تم فعلا، إذ استجابت الحشود الزاحفة من مختلف المناطق والقرى الجنوبية لتوجيه قائدهم وزحفوا إلى عدن، فكان ما حذرت منه – كثيرا – شارف على البدء ومعالمه باتت قاب قوسين أو أدنى لتطفوا على السطح الجنوبي ليراها حتى العُمي، فانقطعت بي السبل للوصول لفئة العقلاء اللذين طال سباتهم وتقوقعهم بدواوين لا تغني ولا تسمن من جوع، منهمكين بتحليل الوضع متنبئين بالمستقبل، تاركين بهذا أبناءهم يتخبطون ويهدرون طاقاتهم بما لا يحقق – باعتقادي – أبسط النتائج الملموسة على المشهد الجنوبي بشكل عام، فانقطع طريق الوعي والعقل لتتمكن العاطفة من تسيير تلكم الطاقات، فكان ناتجها ما يلاحظه الجميع من تشتت القضية وانخفاض واضح لنور عدالتها وعدم انعكاسها بالشكل اللائق للرأي العام الإقليمي والدولي، رغم سخط الأخيرتين على القضية ببيان مجلس الأمن الأخير..

لنعد لموضوعنا الأساس وهو المشهد الجنوبي، بداية ببيان باعوم الداعي لتحويل الزحف من حضرموت إلى عدن، برغم أن الفكر السياسي ببقاء التظاهرة بحضرموت كان أكثر عقلانية وحفظ لما يمكن حفظه من الأرواح الجنوبية، بعدم الزج بهم للاحتكاك مع مجاميع الطرف الأخر، حيث سيؤدي ذلك لتعطيل ما تحدثتُ عنه بمقالات كثيرة وأسميته بالاقتتال الجنوبي الجنوبي، فالكل هنا بخانة الخسارة والمستفيد الوحيد هو ما أسميته بالماتادور الخفي والله أعلم من يكون، وما نهاية السيناريو الذي لا يحصد شره سوى عدن وأهلها..

أما طرف الصراع الآخر هو أداء لتنفيذ مؤامرة – دون سابق علم – الاقتتال الجنوبي الجنوبي وإضعاف الروابط الاجتماعية لتتعدى المعقول ويصبح التخوين وانعدام الثقة مسيطرة على نفسيات الناس، كل ذلك ناتج طبيعي 100% لحالة اللا سلم واللا حرب التي نعيشها خلال الفترة الماضية ومن يدري إمكانية استمرارها لفترة أطول، وهذا ما نخشاه كون الاحتقان يزداد أكثر مع استمرار الوضع على ما هو عليه واحتمال إعادة ما تجاوزناه من نكسة يناير 86 أصبح أكثر قرب من غيره…

بصراحة مطلقة أن ما حدث من احتكاك وسقوط القتلى والجرحى يشترك بتحمل مسؤوليته كلاً من القادة الحراكيون والإصلاح والرئيس هادي، فالقادة الحراكيون اللذين توقعوا مسبقاً حدوث هذا، أخذتهم العزة بالإثم وحولوا مكان الزحف لعدن، أما الإصلاحيون تعمدوا حشد أنصارهم من خارج نطاق الجنوب واستفزاز الحراك بطمس أعلامهم وما حدث بكريتر – ويعلمه الكثيرون – خير دليل لتكوين مسبق للاحتقان، أما الرئيس هادي هو الأخر يتمتع بخبرة تمكنه من توقع ما حدث واتخاذ تدابير احترازية لمنع وصول طرفي الصراع لهدم عدن لأنها الضحية الحقيقية – الوحيدة – لكل ما يدور على الساحة اليمنية عامة والجنوبية خاصة، فكنت أتمنى أن لا يسمح – هادي – للغوغائيين أن يعبثوا بالسلم الاجتماعي العدني، ويُحولوا عدن لحاضنة اقتتال بدلاً من كونها حاضنة ثقافة ورقي مدني في حقيقة الأمر…

للأغلبية الصامتة أقول: إن الوقت قد حان لخروج عقلاء الوطن لتولي زمام قيادة الشارع، فإنه واجب وطني بحث ولهم الاختيار بين إنقاذ ما تبقى من التعايش والسلم الاجتماعي العدني، وبين ترك اختلاط الحابل بالنابل ويصبحوا على ما فعلوه نادمين. والسلام تحية.

زر الذهاب إلى الأعلى